مجزوءة الأخلاق : السعادة - جميع المحاور

درس الفلسفة لسنة الثانية بكالوريا : جميع محاور مجزوءة الاخلاق مع مواقف الفلاسف.

المحور الاول : تمثلات السعادة

-  موقف أرسطو : السعادة خير نسعى إليه من أجل ذاته، وتتحقق سعادة الفرد بالتزامه بالأخلاق الفاضلة، ثم إن السعادة حسب تنبني على الاجتهاد والجد و ليس اللهو.
يعتبر أرسطو أن السعادة ليست ملكة فطرية متاحة للجميع، بل هي فعل يتطلب الجهد والمثابرة. كما أنها غاية من أجل ذاتها، وترتبط بالفضيلة وبالأفعال المطابقة للمبادئ الأخلاقية العليا. ولذلك لا يمكن في نظره أن تتمثل السعادة في اللهو، بل « الحياة السعيدة هي التي يحياها المرء وفقا للفضيلة، وهي حياة جد واجتهاد لا حياة لهو». وكل ما يصبو إليه الإنسان من لذات حسية أو خيرات مادية أو فكرية، إنما يكون الهدف منه هو الوصول إلى السعادة. وبهذا المعنى فالسعادة تكتفي بذاتها ولا تحتاج إلى غيرها. وإذا كانت التغذية والنمو والغرائز هي مما يشترك فيه الإنسان مع النبات والحيوان، فإنه وجب البحث عن السعادة في الجانب الذي يخص الإنسان وحده وهو المتمثل في العقل والفكر. وبذلك فالسعادة تكمن في ما هو حق وخير وجميل، أي في الفضائل الأخلاقية الكاملة.
-  موقف كانط : السعادة تصور كامل مجرد بينما حياة الإنسان تنبني على كل ما هو جزي و تجريبي، إذن السعادة بمثابة مثال للخيال لا يمكن تحقيقه.
لا يمكن في نظر كانط إعطاء أي مدلول عقلي دقيق لمفهوم السعادة. فبالرغم من أن كل واحد من الناس يرغب في أن يكون سعيدا ويسعى إلى بلوغ السعادة، إلا أنه مع ذلك يصعب عليه تقديم تصور عقلي محدد لما من شأنه أن يجعله سعيدا.
فلا الثراء ولا كثرة المعارف ولا الصحة ولا العمر الطويل… بإمكانها أن تحدد لنا ما تكونه السعادة! ولذلك تظل السعادة حسب كانط غامضة وغير قابلة للتحديد النهائي؛ إذ لا يمكن اعتبارها مفهوما عقليا قابلا للصياغة الواضحة والدقيقة، بل إنها تظل تصورا خياليا ينبني على أسس تجريبية وحسية لا متناهية تختلف عند الأفراد حسب الحالات التي يمرون بها.

المحور الثاني : البحث عن السعادة

-  موقف ج.ج. روسو : أدى الانتقال من حالة الطبيعة إلى حالة المجتمع، فقدان الإنسان سعادته وتحول البحث عنها إلى شقاء دائم.
كان الإنسان حسب روسو يعيش في حالة الطبيعة الأولى حياة بسيطة وسعيدة؛ فقد كان يلبي حاجاته بشكل سهل وتلقائي من أجل حفظ بقائه. لكن صعوبة العيش جعلته يجتمع مع غيره من الناس، وتظهر لديه بعض المشاعر الإنسانية الجديدة كالحب والكراهية والحسد… مما سيؤدي إلى النزاع والصراع الذي سيجعل الإنسان يفقد حالة الطمأنينة والسعادة الأولى. كما أن ظهور الكثير من الكماليات في حالة الاجتماع وتحولها إلى عادات راسخة، سيجعل الإنسان يشعر بالشقاء حينما يفتقدها، كما لا يكون سعيدا حينما يتملكها مادامت كثيرة ولامتناهية، هكذا يبدو أن الإنسان فقد السعادة إلى الأبد، مادام أن الرجوع إلى حالة الطبيعة أمر مستحيل.
-  موقف هيوم : تتحقق السعادة من خلال تنمية الدوق والسمو بمشاعر الإنسان وعواطفه والاهتمام بالمتعة الجمالية مع ظهور الفنون الجميلة وتطورها.
إذا كان روسو يعتبر أن الحصول على السعادة متعذر في إطار الاجتماع البشري، فإن دفيد هيوم يمنحنا بعض الأمل في الحصول عليها. والسبيل إلى ذلك في نظره يكمن في رهافة الإحساس من جهة، ورهافة الذوق ورقته من جهة أخرى. هكذا تؤدي مثل هذه الرفاهة إلى توسيع دائرة إحساسنا بالسعادة وبالشقاء معا. إذ أنها تجعلنا أكثر تأثرا بالمشاهد المفرحة والمحزنة معا.
لذلك يدعو هيوم إلى نوع من التربية الجمالية عن طريق دراسة الأعمال الإبداعية الجميلة والراقية ، لأن من شأن هذه التربية أن تهذب إحساسنا وذوقنا، وتجعلنا نحس أكثر بالسعادة.

المحور الثالث : السعادة والواجب

-  موقف راسل : لا تتجلى السعادة إلا ضمن العلاقات الاجتماعية التي تجعل الذات تهتم بالغير وتتعاطف معه، وينبغي استشعار الواجب في التعامل مع الآخرين.
السعادة لا يمكن أن تتحقق بالتساوي بين جميع الناس, لأن الواجب في بعض العلاقات الإنسانية يحرم أطرافا من السعادة و يؤمنها للبعض الآخر بدافع الإهتمام بهم و الإحساس بالواجب اتجاههم. و الحق في السعادة أن تكون من نصيب كل الأطراف, كما هو الحال بالنسبة للسعادة الأبوية التي تقوم على الحب الأبوي للأبناء و الذي يوفر فيه الواجب سعادة كل منهما, إذ يمارسون عليهم السلطة و في نفس الوقت يبتغون مصلحتهم و يشعرون بالعطف عليهم.
-  موقف الان : السعادة واجب على الإنسان تجاه ذاته وهي غاية يمكن بلوغها، وهي كذلك واجب نحو الغير بإسعاده وإبعاد كل أشكال القلق والاستياء والشقاء والملل
السعادة ليست من حق الفرد لوحده فحسب, و إنما هي واجب اتجاه الغير كذلك, إذ لا يجب عليه أن يشكوه تعاسته و شقاءه و آلامه الشخصية. فالسعادة و الأنانية لا يمكن أن يجتمعان لأنها إيثار و واجب اتجاه الآخرين, فضلا عن أنها ليست معطاة, و إنما تدرك من خلال جهد و بناء و عطاء متواصل. لذلك يجب أن يتعلم الأفراد كيف يحيوا حياة سعيدة و كيف يكتمون مآسيهم و آلامهم, لأن البوح و الجهر بها قد يكون سببا في تعاسة الآخرين.
تعليقات
تعليق واحد
إرسال تعليق
  • Unknown
    Unknown 13:03

    هناك اخي فقط جوج فلاسفة وليس هناك مؤيدين ومعارضين

    إرسال ردحذف



    X

    أخي أختي لا تنسوا اخوانكم في فلسطين من الدعاء

    اللهم انا نستودعك أهل غزة